قوله تعالى:
«إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى» ..
تذكرة مفعول لأجله، للفعل فى قوله تعالى: «ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ» أي ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة لمن يخشى، لا لتشقى به وتحمل نفسك هذا العناء الشديد المتصل، الذي أنت فيه.
فمن كان عنده استعداد لقبول الهدى، فإنه لأول لقاء له مع القرآن الكريم، جدير به أن يؤمن، ويستجيب لله وللرسول.. وأما من كان ممن ختم الله على قلبه، وجعل على سمعه وبصره غشاوة، فإنه لن يهتدى أبدا، ولو قضيت العمر كله، تأتيه من كل جانب. وتلقاه بكل سبيل..
واختصاص أهل الخشية بالتذكرة والانتفاع بالقرآن، لأنهم هم الذين ينظرون إلى عواقب الأمور، ولا يعيشون ليومهم كما يعيش أهل السفاهة والضلال.. فإن من خشى العواقب استعمل عقله، وقلّب وجوه الأمور التي تعرض له..، فاستبان له وجه الحق منها.
قوله تعالى:
«تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى» .
تنزيلا مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره تنزل، أي تنزل هذا القرآن الذي أنزله الله عليك تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى..
والمراد بالتنزيل أنه نزل منجما، مفرقا، لا دفعة واحدة.. وهذا من أمارات الرفق بالنبيّ الكريم، كما يقول سبحانه: «كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ» .
قوله تعالى:
«الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى» ..
هو بيان لقدرة الله تعالى، وبسطة سلطانه على هذا الوجود الذي أوجده..