إنه إن أصاب خيرا، أشر وبطر، وطغى وبغى، وإن أصابته مصيبة احترق بنارها، كمدا وحسرة، دون أن يجد لمصيبته عزاء من إيمان، أو مواساة من قدر! وانظر إلى هذا العزاء الجميل الذي عزّى الله سبحانه وتعالى به النبىّ والمؤمنين فيمن أصيبوا فيهم من الشهداء فى غزوة أحد: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (156: آل عمران) .
و «لو» هذه، هى التي تدمى قلوب الذين لا يؤمنون بالله، ولا يستسلمون لقدر الله، فى أعقاب الشدائد والملمات، وهى التي تنكأ جراحهم كلما عملت يد الزمن على التئامها! وفى الحديث الشريف كما رواه مسلم: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شىء فلا تقل: لو أنى فعلت كان كذا وكذا؟! ولكن قل: قدّر الله، وما شاء الله فعل.. فإن لو تفتح عمل الشيطان» .
وهنا أمر نحب أن نقف عنده، وهو أن الرضا، الذي يستقبل به المؤمن ما يقع من مقدرات القدر- ليس هذا الرضا عن قهر وإلزام، وإنما هو عن إرادة واعية مدبّرة مقدّرة.. ذلك أنه ليس من الدين، ولا فى الدين- أعنى الإسلام- ما يحول بين الإنسان وبين حقه الطبيعي، فى معالجة الواقع، وفى محاولة تغييره يكل ما يملك من وسائل كريمة سليمة، ناظرا إلى الله، طامعا فى رحمته، مستمدا العون والتوفيق من لدن رب رحيم كريم..