شىء، هو مواساة كريمة وعزاء جميل من رب كريم، لهؤلاء المستضعفين، الذين نظر إليهم ربّهم، فجعلهم فى هذا المقام الكريم الذي يوجّه إليه وجه النبىّ كلّه، دون أن يعطى المشركين لفتة منه! فإنه شتان ما بين هؤلاء وأولئك.. فهؤلاء المسلمون المستضعفون، قد آمنوا بربّهم، يدعونه بالغداة والعشىّ، وأولئك المشركون، قد ألهتهم دنياهم، وأعماهم ضلالهم، فشغلوا عن النظر فى أنفسهم، وضلّوا الطريق إلى ربّهم.
- وفى قوله تعالى: «وَاصْبِرْ نَفْسَكَ» إشارة إلى أن هذا الجانب الذي يقفه النبي مع أصحابه المستضعفين، هو جانب فيه شدة وبلاء، ومعاناة، لا يصمد له إلا أولوا العزم والصبر! إنه انحياز إلى الجانب الضعيف، وإيثار له على الجانب القوىّ، ذى الجاه والسلطان.
- وفى قوله تعالى: «وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً» تسفيه لهؤلاء المشركين، وما هم فيه من عناد يسوقهم إلى الهلاك، ويخرجهم من الدنيا، وقد خسروا الدنيا والآخرة جميعا.
قوله تعالى:
«وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ.. فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ.. إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً» فى هذه الآية وعيد شديد لهؤلاء المشركين الذين لجّوا فى طغيانهم، وعدوانهم.. فقد أعدّ الله لهم «ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها» أي ضربت عليهم النار، فكانت سرادقا يشتمل عليهم، لا يخرجون منه أبدا.. إنها دارهم، لا دار لهم غيرها.. وإن استصرخوا فيها طالبين الغوث، كان الصّراخ لهم، والإسراع لنجدتهم، هو أن يسقوا ماء آسنا، يغلى، فيشوى الحرّ المتصاعد