كان ذلك أدعى إلى فتورها، وضعفها، وزيادة البرودة فيها.. فإن السلبية معناها انسحاب الأشخاص، والأحداث، إلى الوراء، والاتجاه إلى حيث العزلة والانزواء، فلا تتبعهم عين، ولا يشخص إليهم شعور!.

وننظر فى قصة أصحاب الكهف، كما عرضها القرآن الكريم، وقد خلت شخصياتها من المرأة، كما تجردت أحداثها من الإيجابية- ننظر فى هذه القصة فنرى القرآن الكريم، قد ألبسها الحياة، وخلع عليها روحا من روحه، حتى لقد تحركت أمكنتها، ونطق صامتها، وجرت الحياة قوية دافقة فى كل ما شمله موضوعها من كائنات، حية وجامدة، وناطقة، وصامتة.. وكان هذا الحسن فى العرض، وهذه الدّقة المعجزة فى تحريك الأحداث، عوضا عن حسن المرأة ودلّها، وبديلا من واقف الإيجاب، وتفاعل الأحداث.

ولولا هذا العرض المعجز، لما كانت هذه القضة قصة، ولما خرجت عن أن تكون خبرا يروى، أو حديثا ينقل.

وسورة «الكهف» التي سمّيت هذه التسمية به، لم يكن فيها قصة أصحاب الكهف وحدهم، وإنما ورد فى هذه السورة ثلاث قصص أخرى..

هى قصة الرجلين: المؤمن والكافر، وما انتهى إليه أمر كل منهما.. ثم قصة موسى والعبد الصالح، ثم قصة ذى القرنين، وما جرى على يديه من أحداث.. كما سنرى.

ويلاحظ أن هذه القصص- شأنها شأن قصة أصحاب الكهف- قد خبت جميعها من عنصر المرأة.. ثم يلاحظ أيضا أن حوادثها جميعها من الخوارق المعجزة، التي يعجز الإنسان عن تصوّرها فى عالم الواقع، إلّا أن يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015