أشخاصها فى هذا المنطلق، وتوضع كل شخصية فى المكان المناسب لها..
ولا نريد أن نجعل القصة موضوع هذا البحث، فإن الحديث عن القصّة، وما يجب أن يتوفر لها من عناصر النجاح يتطلب بحثا خاصا مستقلا (?) ، ليس هنا موضعه، ولا موضعه.. وإنما تلك إشارة مجملة تشير إلى ما للقصة من أثر فى التربية والتهذيب، وأنها من هذه الناحية أداة قوية من أنجح أدوات التربية فى يد المصلحين والمربين.
والقرآن الكريم- وهو مدرسة المسلمين، وجامعة المجتمع الإسلامى- لم يغفل شأن القصة، فهو يعتمد عليها فى كثير من المواقف، لتكون وسيلة من وسائله الفعّالة، فى تقرير الحقائق، وتثبيتها فى النفوس، وفى تجليتها للعقول، وفى الكشف عن مواطن العبرة والعظة فيها.
وقصص القرآن الكريم، قصص جادّ، مساق للعبرة والعظة، وليس فيه مجال للتسلية واللهو، وليس من غايته ترضّى الغرائز المريضة، أو تملّق الرغبات الفاسدة، التي كثيرا ما تكون مقصدا أصيلا من مقاصد القصة عند كثير من كتاب القصص، الذين يجذبون القراء إليهم بهذا الملق الرخيص للغرائز الدنيا، التي تعيش فى كيان الإنسان، وتترقب الفرصة السانحة التي تستدعيها، وتقدم «الطّعم» المناسب لها.
وعناصر القوة فى القصص القرآنى مستمدة من واقعية الموضوع وصدقه، ودقة عرضه، والعناية بإبراز الأحداث ذات الشأن فى موضوع القصة، دون التفات إلى الجزئيات التي يشير إليها واقع الحال، وتدلّ عليها دلالات ما بعدها