الذي لا عوج فيه، ولا خروج فى أحكامه وتشريعاته عن سنن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، كما يقول الله سبحانه وتعالى: «وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ» (153: الأنعام) .

فالقرآن الكريم لم يجىء بأيّ تكليف فيه حرج، ومشقة، كما جاءت الشرائع السابقة، التي حملت إلى المدعوّين إليها، ضروبا من الإعنات والإرهاق.

تأديبا، وإصلاحا، لما فيهم من اعوجاج حادّ، كما فى شريعة موسى، ووصايا عيسى، فقد حرّم الله فى شريعة موسى على بنى إسرائيل طيبات كانت أحلّت لهم كما يقول سبحانه: «فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ» (160: النساء) وكما يقول سبحانه: «وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ» (146: الأنعام) ..

ومن البلاء الذي أخذ الله به بنى إسرائيل، أن جعل من شريعتهم حرمة العمل فى يوم السبت، ولم يكن ذلك رحمة بهم، بل نكالا وبلاء، كما يقول سبحانه: «إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ» (124: النحل) .. أما وصايا السيد المسيح لهم، فيكفى أن يكون دستورها قائما على هذا المبدأ: «من لطمك على خدّك الأيمن فحوّل له الآخر أيضا» .

ولا شك أن هذا عوج مقصود فى الشريعة التي شرعت لهم، ليقابل هذا العوج ما فيهم من عوج! أما هذه الأمة- أمة الإسلام- فقد عافاها الله من هذا البلاء، وجعل شريعتها قائمة على السماحة واليسر، متجاوبة مع الفطرة التي فطر الله الناس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015