نودى نداء عاليا، ولهذا نهى النبىّ أصحابه فى بعض أسفاره، وكانوا كلّما علوا شرفا من الأرض رفعوا أصواتهم بالتكبير- نهاهم أن يبالغوا فى هذا، وقال: «إنكم لا تدعون ربّا أصمّ» .
أما الهمس بالدعاء والمخافتة به، فإنه يعزل صاحبه عن أن يسمع ما يناجى به الله، ومن ثمّ فلا يتشكل له من دعائه من المعاني ما يصل شعوره بالله، ويشدّ عقله وقلبه إليه!.
قوله تعالى:
«وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً» .
بهذه الآية تختم هذه السورة الكريمة.. فيلتقى ختامها مع بدئها، حيث بدأت بتسبيح الله وتنزيهه ثم ختمت بحمده وتقديسه.
وكأنّ هذا الحمد هو مما أوجبه استقبال تلك المنّة الكبرى التي منّ الله بها على عبده محمد، إذ أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
ثم لكأن هذا الحمد أيضا هو بيان لصورة من صور الكمال التي يدعى بها الله أو الرحمن، كما جاء الأمر فى قوله تعالى: «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» .
ونرتّل قوله تعالى: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ» ، فنجد أننا بين يدى صلاة هى الصورة المثلى للدعاء لذى أمر الله سبحانه وتعالى النبىّ الكريم والمؤمنين معه، أن يقيموا دعاءهم عليه فى قوله تعالى: «وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا» .