يده، ويخرج بهم من مصر، وذلك بأن يبطش بهم، ويقضى عليهم قضاء مبرما، حتى لا يكون لموسى موقف معه بعد أن يصبح أو يمسى فلا يجد لبنى إسرائيل أثرا، ولكن مكر الله به كان أسرع، فساقه هو وجنوده إلى البحر، حيث هلك وهلك كل من ركب البحر وراء بنى إسرائيل معه..
قوله تعالى: «وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً» .
اختلف المفسرون فى المراد من «الأرض» التي دعى بنو إسرائيل إلى سكناها.. وأكثر الآراء على أنها الأرض المقدسة التي أشار إليها قوله تعالى على لسان موسى: «يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ» (21: المائدة) .
كذلك اختلف المفسرون فى المراد بوعد الآخرة: فى قوله تعالى: «فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ» ويكاد يكون إجماعهم على أنه يوم القيامة..
والرأى الذي نميل إليه، أن المراد بالأرض، هو مطلق الأرض.. وهذا يعنى أن يتبعثر بنو إسرائيل فى وجوه الأرض كلها، وأن يتناثروا فى أقطارها، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: «وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً» (168:
الأعراف) .. وقد قطّعوا أمما، وتناثروا فى آفاق الأرض كلها..
وعلى هذا يكون المراد بوعد الآخرة هنا، هو ما أشار إليه سبحانه وتعالى فى قوله: «فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ» (7: الإسراء) ..
ويكون معنى الآية: أن الله سبحانه وتعالى قد حكم على بنى إسرائيل بأن يتقلبوا فى هذه الأرض، فيجتمعوا ويتفرقوا، فإذا اجتمعوا وقامت لهم دولة وسلطان، فسدوا وأفسدوا، فيسلط الله سبحانه وتعالى عليهم من يضربهم بيد البلاء، فيشتت شملهم، ويمزّق جمعهم.. وأن هذا الجمع والتفرق سيقع منهم