أولئك الذين يلقون رسل الله بالبهت والتكذيب، ويقفون منهم موقف العناد والتحدّى، وقد جاء النظم القرآنى بكلمة «الناس» على إطلاقها، لأن الكثرة الغالبة فى الناس، هى التي لا تؤمن بالرسل، وقليل منهم أولئك الذين يؤمنون..
كما يقول سبحانه: «وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ» (103: يوسف) ..
والشبهة التي تفسد على هؤلاء الضالين رأيهم فى رسل الله، وتصوّرهم للطبيعة التي يكونون عليها- هى أن الرسل الذين يكونون سفراء بين الله والناس، ينبغى أن يكونوا- حسب تقديرهم- على مستوى فوق مستوى البشر، إذ لو كان من الممكن أن يتصل إنسان بالله، لكانوا هم- أي هؤلاء الضالون المنكرون- أهلا لهذا الأمر، وأولى به من هذا الرسول، الذي يدّعى تلك الدعوى على الله..!!
فهذا الإنكار الذي يواجه به المشركون رسل الله، إنما يقوم أساسا عند هؤلاء المنكرين، على أمرين:
أولهما: أن البشر عموما فى مستوى دون هذا المستوي الذي يستطيع فيه إنسان أن يتصل بالله.
وثانيهما: أنه لو كان فى الإمكان أن يتصل إنسان بالله، فلن يكونه هذا الإنسان الذي يدّعى أنه رسول من عند الله! فهناك عندهم من هم أولى منه.. حتى لكأن ذلك مما يتزاحمون عليه من مظاهر الحياة المادية.. والله سبحانه وتعالى يقول: «اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ» (124: الأنعام) .
وقوله تعالى: «قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا» - هو ردّ على هؤلاء الذين ينكرون أن يبعث الله بشرا رسولا، ويرفضون التعامل مع أي إنسان يقول إنه رسول من ربّ