وقاية له.. وهذا وإن كان صحيحا إلا أن اتقاء لفح الحرّ بالملابس لا تقلّ دواعيه عنها فى حال البرد. فإن لفح الهواجر، ولذعة السّموم، تحرق الأجسام، وتشوى الوجوه، إن لم يتوقّها الإنسان بما يتسربل به..
- وفى قوله تعالى: «كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ» الإشارة هنا، إلى تلك النعم السابغة الشاملة، التي تلقى الإنسان حيث كان، وتستقبله أنّى دعت حاجته إليها، وذلك ما لا يخلى إنسانا من واجب الشكر لله ذى الطول والإنعام..
قوله تعالى: «فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ» ..
مناسبة هذه الآية لما قبلها، أنها تعقب على تلك النعم التي أفاضها الله على عباده، ولم يحرم أحدا حظه منها.. وفى هذه النعم تتجلّى قدرة الله، وحكمته- فكان لقاء النبىّ قومه بعد هذا العرض العظيم لآيات الله، وتذكيرهم بالله سبحانه، أنسب الدواعي التي تدعو الإنسان إلى لله، وإلى الإيمان به.. فإن تولّى بعد هذا، فليس على الرسول إلا البلاغ المبين، وقد بلّغ الرسول أبين بلاغ وأوضحه..
قوله تعالى: «يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ» هو كشف عن هؤلاء المشركين، وما انطوت عليه نفوسهم من ضلال وظلام..
«يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ» ويشهدون آثارها فيهم وفيمن حولهم «ثم ينكرونها» ظلما وبغيا.. ومن نعم الله التي أنعم عليهم بها، هذا القرآن الكريم، الذي يعرفونه ويعرفون ما فى آياته من حق وصدق.. ولكنهم يكابرون ويعاندون، فينكرونه، ويصمّون آذانهم عنه، ويغلقون قلوبهم دونه.
- وفى قوله تعالى: «وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ» إشارة إلى ما استولى على قلوب الكثرة فيهم، من كفر صريح غليظ، كما يدل على ذلك تعريف الخبر