«عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً؟ كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً» (77- 80: مريم) .
- وفى قوله تعالى: «وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى» - إشارة إلى أنهم يصفون الكذب بغير صفته، فهو قبيح، خبيث، لا يثمر إلا القبيح الخبيث، ولكنهم يعطونه صفة الشيء الحسن، ويرجون من ورائه ما يرجو المحسنون من إحسانهم..
ولهذا ضمّن الفعل تصف معنى القول: أي يقولون الكذب الذي يقولونه وهو قولهم «أن لهم الحسنى» .. فهو بدل من الكذب.
قوله تعالى: «لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ» . أي لا شك أن لهم النّار، وليست لهم الحسنى كما يزعمون.. وأنهم مفرطون.. أي سابقون إلى النّار.. فهذا هو المجال الذي يسبقون فيه، ويأخذون المكان الأول منه..
أما فى مقام الخير والإحسان فهم فى أنزل منزلة.
وقوله تعالى: «تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» .
فى القسم من الله سبحانه وتعالى باسمه الكريم تشريف للنبىّ، ومداناة له، وتلطف من الحقّ جل وعلا معه.. أي وحقّ ربّك، لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك رسلا مبشرين ومنذرين، فوسوس لهم الشيطان، وزين لهم ما هم فيه من عمى وضلال، فلم يستجيبوا، لدعوة الحق، ولم يردّوا على رسل الله إليهم ردّا جميلا، بل أعنتوهم، ومدّوا إليهم ألسنتهم وأيديهم بالسوء والأذى.. فلا تأس على ما يصيبك من قومك، وما ترى من عنادهم، وتأبّيهم على الحق الذي تدعوهم إليه، فالشيطان يتولاهم اليوم، ويقودهم كما تولّى الظالمين قبلهم، وقادهم إلى موارد الوبال والهلاك.. «وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» أي لأولياء الشيطان جميعا عذاب أليم فى الآخرة.