الفعل فى آيات أخرى، متعديا بإلى وبعلى، وذلك ليجمع بين نزول القرآن مفرقا، وبين الجهة العالية التي نزل منها.

- وفى قوله تعالى: «لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ» إشارة إلى أن هذا الكتاب الذي أنزل إلى النبىّ، هو كذلك نزّل إلى الناس.. فهم شركاء للنبىّ فى هذا الكتاب، ومطلوب من كل إنسان أن يحسب أن هذا الكتاب هو كتابه المنزل عليه.. يفقهه، ويعمل به، ويدعو الناس إلى العمل به، مقتفيا فى هذا أثر النبىّ، مشاركا فى حمل الرسالة معه، فى حال حياته، أو من بعد وفاته..!

وفى مخاطبة النبىّ بقوله تعالى: «أَنْزَلْنا إِلَيْكَ» ومخاطبة الناس بقوله سبحانه: «نُزِّلَ إِلَيْهِمْ» تفرقة من وجهين:

الأول: أن النبىّ الكريم خوطب خطابا مباشرا من الحقّ سبحانه وتعالى: «أَنْزَلْنا إِلَيْكَ» على حين أن الناس خوطبوا بفعل لم يذكر فاعله هكذا «نزّل إليهم» ، لأن التنزيل لم يكن مباشرا لهم، بل كان بوساطة النبىّ، الذي تلقّاه بدوره عن طريق الملك.

الثاني: أن الفعل «أنزل» يفيد الجمع، على حين أن الفعل نزّل، يفيد «التفرّق» ، وهذا هو ما يشير إليه الحال من أمر القرآن بين النبىّ والذين تلقوه منه.. فالنبى بالنسبة لهم هو المصدر الأول الذي تجيئهم منه آيات الله وكلماته.. وهم يتلقونها منه آية آية، أو آيات آيات، فناسب أن يخاطب النبي فى مواجهتهم بقوله تعالى: «أَنْزَلْنا إِلَيْكَ» .. وأن يخاطبوا هم بقوله تعالى:

«نُزِّلَ إِلَيْهِمْ» .

قوله تعالى: «أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ» .. هو تهديد لهؤلاء الذين يكذّبون رسول الله من المشركين، ويمكرون السيئات، أي يدبّرون الأعمال السيئة، ويرسمون خططها.. فالمكر هو إعمال الرأى والحيلة فى الأمور.. ومنه ما هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015