ما عندهم من أيمان قاطعة مؤكدة، على أن الله لا يبعث من يموت.. وذلك فى مواجهة ما جاءهم الرسول به من ربه، عن الإيمان بالله، وباليوم الآخر، فعجبوا أشدّ العجب، أن يبعث الموتى من قبورهم، بعد أن تحتويهم القبور، ويشتمل عليهم التراب، ويصبحوا عظاما نخرة.. وفى هذا يقول الله تعالى عنهم: «وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ.؟ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ» (7- 8: سبأ) وفى قوله تعالى: «بَلى» تكذيب لهم.. أي أن الله يبعث الموتى.. كما يقول سبحانه: «زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ.. وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ» (7: التغابن) - وقوله تعالى: «وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا» هو توكيد لهذا التكذيب لحلفهم..
وأن هذا البعث واقع لا شك فيه، وقد جعله الله وعدا. أوجبه على نفسه، ولن يخلف الله وعده.. «وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» حكمة الله فى هذا البعث، ولا ما لله من قدرة لا يعجزها شىء..
قوله تعالى: «لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ» - هو كشف عن بعض الحكمة فى البعث، الذي جعله الله وعدا عليه حقا.. ففى هذا البعث تتبين للناس مواقفهم من الحق، ويمتاز الخبيث من الطيب.. وهناك يستيقن الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين فيما يدّعون لأنفسهم ولآلهتهم من مدّعيات باطلة، وفيما يقولون عن البعث وإنكاره.. وفى هذا تهديد للكافرين، ووعيد لهم بما يلقون فى هذا اليوم من فضيحة، وخزى، وهوان..
قوله تعالى: «إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» هو توكيد للبعث، الذي جعله الله وعدا عليه حقا.. وأن أمر البعث هيّن أمام