جلّ وعلا: «أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ؟» ثم يلتفتون فلا يجدون لهؤلاء الشركاء أثرا، فيركبهم الكرب، ويعروهم الهمّ والخزي!.
والمشاقّة: الشقاق والخلاف.. وفى تعدية الفعل «تشاقّون» بحرف الجر «فى» الذي يفيد الظرفية، إشارة إلى أن خلافهم وشقاقهم كان منحصرا فى هؤلاء الشركاء. فلم تتسع مداركهم للبحث عن شىء وراء هذا، بل جمدوا عليه، ولصقوا به كما يلصق المرض الخبيث بأهله.
- وقوله تعالى: «قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ» .. هذا القول من شهود المحشر يوم القيامة، من الملائكة، والرسل، وأتباع الرسل، حيث وجم المجرمون فلم ينطقوا.
قوله تعالى: «الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» ..
هو صفة لأولئك الذين قال فيهم أهل العلم: «إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ» .. فهؤلاء الكافرون، تتوفاهم الملائكة وقد ظلموا أنفسهم بإغراقها فى الضلال، والتنكّب بها عن طريق الحق.. فإذا سيقوا إلى موقف الحساب فى ذلّة وصعار «ألقوا السّلم» - أي أعطوا أيديهم مستسلمين لمن يقودهم إلى هذا المصير المشئوم، الذي هم صائرون إليه، وعلى ألسنتهم- التي مرنت على الكذب ولافتراء- هذا القول الكاذب، يرددونه فى غير وعى: «ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ» ! هكذا المجرم يردّد كلمات البراءة من ذنبه، ويداه ملطّختان بدم قتيله- إنها كلمات عزاء ومواساة، يتعلّق بها المجرمون، كما يتعلّق الغريق بمتلاطم الأمواج!.
- وقوله تعالى: «بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» .. هو تكذيب لهم، وقطع لهذا الأمل الكاذب الذي تعلقوا به- بلى- لقد