قالوا أي المشركون: «أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» أي هذا الذي تقولون إنه منزل من عند الله، يقول عنه المشركون، هو من أساطير الأولين، وفى خطاب المؤمنين تكريم لهم، ومحاكمة للمشركين، وإشهاد لهم عليهم، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً» (143: البقرة) «لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ.. أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ» .
يجمع المفسرون على أن اللّام فى قوله تعالى «لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ» هى لام التعليل.. وعلى هذا يكون الفعل بعدها مسبّبا عن قول المشركين الذي قالوه فيما أنزل الله إنه «أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» .. ويكون المعنى أنهم إنما يحملون أوزارهم، أي آثامهم وذنوبهم بسبب هذا القول المنكر، الذي قالوه فيما أنزل الله، فكان ذلك سببا فى كفرهم الذي أثمر هذا الثمر الخبيث، الذي يحملونه على ظهورهم، ليحاسبوا عليه يوم القيامة..
هذا، وإنى أستريح إلى مفهوم آخر، لهذه الآية، وهى أن اللام هنا للأمر، وأن هذا الأمر موجّه إلى هؤلاء المشركين، وفيه استدعاء لهم أن يحملوا هذه الأوزار وتلك الآثام التي جرّهم عليها هذا الموقف اللئيم الذي وقفوه من كتاب الله.. وأنّهم وإن كانوا سيحملونها يوم القيامة، فإنها محمولة عليهم منذ الآن.. وفى هذا ما يلفتهم إلى ما فوق ظهورهم من أحمال ثقال، تدفع بهم إلى النار.. فإن كان فيهم بقية من عقل ونظر، راجعوا أنفسهم، وتخففوا من هذه الأوزار، ورجعوا إلى ربّهم..
- وفى قوله تعالى: «وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ» .. «من» هنا للتبعيض، أي أن هؤلاء السّادة والرؤساء من المشركين يحملون ذنوبهم كاملة، مضافا إليها بعض الذنوب التي تضاف إليهم من ذنوب أولئك الأتباع الذين