التوجيهات التي تلقاها النبي الكريم من الله سبحانه وتعالى..
فقد ذكّر النبي- صلوات الله وسلامه عليه- فى الآية السابقة بما بين يديه من نعمة عظيمة، وفضل كبير من ربه.. فلقد آتاه الله السبع المثاني والقرآن العظيم.. وهذا عطاء لا توزن الدنيا كلها وأهلها، بكلمة من كلماته..
- وفى قوله تعالى: «لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ» - استصغار لهذا الزخرف من الحياة الدنيا الذي جعله الله سبحانه وتعالى متاعا لهؤلاء المشركين الضالين، وإنه لا ينبغى للنبى الكريم أن يلتفت إلى شىء من هذا المتاع، راضيا بهذا الفضل العظيم الذي بين يديه من كلمات ربه، واصطفائه لتلقيها وحيا من السماء، مستغنيا عن كل ما فى هذه الدنيا من مال ومتاع.
- وفى قوله تعالى: «أَزْواجاً مِنْهُمْ» إشارة إلى كثرة من أنعم الله عليهم، وابتلاهم بهذه النعم من المشركين.. فالأزواج كثرة، والأفراد قلة ثم إن التزاوج فى ذاته نعمة من نعم الله، كما يقول سبحانه مذكّرا بهذه النعمة: «وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً» (8: النبأ) .
وفى قوله تعالى «مِنْهُمْ» تهوين لشأنهم، وإضراب عن ذكرهم، بالحديث عنهم بضمير الغائب، فهم غائبون وإن كانوا حاضرين..
- وفى قوله تعالى: «وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ» استخفاف بهم أيضا، وأنهم لا يستحقون أن يحزن النبي، أو يجد فى نفسه شيئا من هذا الضلال الذي هم فيه، ولهذا المصير المشئوم الذي ينتظرهم.. فهم أهل لهذا الضلال، وهذا المصير الذي هم صائرون إليه وإن كانوا أهله، وقرابته.
- وقوله تعالى: «وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ» احتفاء بشأن للمؤمنين، ورفع لمنزلتهم، وأن على النبي أن يلقاهم حفيّا بهم، مكرما لهم، متجاوزا عن هناتهم.