مما خلق الله، ولم يخلق الإنسان عبثا كما يقول سبحانه: «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ» (115: المؤمنون) . لقد خلق الإنسان ليعبد الله، ويسجد لربوبيته، كما يقول جل شأنه: «وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» (56: الذاريات) .. وقد خصّ الجن والإنس بالذكر، لأنهما هما الكائنان اللذان فيهما إرادة قادرة على أن تنزع بهما إلى الانحراف عن عبادة الله، وعن الخروج عن طريقه المستقيم.. أو تستقيم على هدى الله.
- وفى قوله تعالى: «وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ» إشارة إلى حتمية الحساب والجزاء لهذين الكائنين- الجن والإنس- من بين المخلوقات جميعا..
إذ أنهما- كما قلنا- هما الكائنان اللذان يقع منهما الانحراف، ويكثر فيهما المنحرفون عن طريق الحق، الذي أقام لله سبحانه وتعالى الخلق عليه.
ففى هذا الجزاء الذي يلقاه المنحرفون تقويم لهم، وإصلاح لشأنهم..
- وفى قوله سبحانه: «فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ» عزاء للنبى، ومواساة له، وربط على قلبه، لما يلقى من عناد المعاندين، وسفاهة السفهاء من قومه..
فالساعة آتية، وفيها يسوّى حساب هؤلاء الضالين، فليلق النبىّ سفاهاتهم وحمقاتهم بالصفح الجميل، وليدعهم ليوم الفصل: «يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ» (13- 14: الطور) .
وقوله تعالى: «إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ» هو تعقيب على ما تضمنته الآية السابقة، من أن الله سبحانه خلق السموات والأرض بالحق، وأن الساعة آتية لتجزى كل نفس بما كسبت.. وفى وصف الحق جل وعلا بأنه «الخلاق» إشارة إلى أنه يبدع فيما خلق، يخلق.. السماء والأرض.. والنهار والليل، والملك والشيطان، والإنسان الذي يعلو فيكون مع الملائكة، ويسفّ فيكون مع الشياطين.. وفى وصفه سبحانه بأنه «العليم» إشارة أخرى إلى أن هذا