الذي نقوله هنا فى «المر» هو ما قلناة من قبل فى «المر» فى سورة الرعد، وفى الحروف المقطعة، التي بدأت بها بعض سور القرآن الكريم.. وهى أنها من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم.. وأن ما جاء فى السورة بعد من آيات الله، هو تأويل هذا المتشابه..
وعلى هذا، يكون: «الر» مبتدأ، وقوله تعالى: «كِتابٌ أَنْزَلْناهُ..»
خبر لهذا المبتدأ..
وقد أشرنا فى آخر سورة «الرعد» إلى أن بدء سورة «إبراهيم» هنا هو ردّ على قول المشركين والكافرين، الذي حكاه القرآن الكريم عنهم، فى قوله تعالى: «وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا» ..
ففى قوله تعالى: «الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ» - توكيد من الله سبحانه وتعالى لرسالة النبي، وأنه يحمل بين يديه كتابا أنزل إليه من ربّه، ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور، وذلك بإذن ربه الذي يهدى من يشاء، ويضلّ من يشاء..
- وقوله تعالى: «إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ» بدل من «النور» ..
والتقدير لتخرج الناس من الظلمات إلى النور، إلى صراط الله العزيز الحميد، ذلك الصراط، الذي هو نور تستضىء به البصائر..
وفى وصف الله سبحانه بهاتين الصفتين الكريمتين: «العزيز الحميد» تهديد للكافرين بعزة الله، وسلطانه الغالب، وتذكير للمؤمنين بنعمة الله عليهم بالإيمان، وأنه المستحق للحمد، والحامد لعباده المؤمنين ما يقدّمون له من طاعات وقربات.