- وفى قوله تعالى: «لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ» إشارة إلى مهمة الرسول، وأنها مهمة تبليغية، يتلو على هذه الأمة ما أوحى إليه من كتاب ربّه.. «وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ» (29: الكهف) .
- وفى قوله تعالى: «وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ» تشنيع على المشركين، وتهديد لهم، وتسفيه لجهلهم العنيد.. إذ كانوا كلما تلا النبىّ كلمات ربّه ازدادوا كفرا.. هكذا حالا بعد حال..
فجملة «وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ» جملة حالية، وصاحب الحال هو الضمير فى «عليهم» أي أنت تتلو عليهم الذي أوحينا إليك، وهم يكفرون بالرحمن.. هذا شأنك، وذلك شأنهم.! فما أبعد الفرق بينك وبينهم.. أنت تسمعهم كلمات الله، وهم يسمعونك السّفه والضلال.. وأنت تمدّ لهم يدك بالبرّ والإحسان، وهم يرجمونك بالأحجار والحصى! وفى ذكر الله سبحانه وتعالى باسمه الكريم «الرحمن» دون أسمائه الكريمة الأخرى، ما يشير إلى شناعة جرم هؤلاء المشركين، الذين كلما تليت عليهم آيات الله زادتهم كفرا، وضلالا، وأنهم إنما يكفرون «بالرحمن» الذي بعث فيهم رسولا منهم، يحمل بين يديه الدواء الذي يكشف عن قلوبهم ماران عليها من ضلال، ويرفع عن أبصارهم ما غشيها من ظلام..
أفذلك هو ما تستقبل به رحمة الرحمن؟ وأ هذا ما يجزى به المنعم على ما أنعم به من رحمة وهدى؟ ذلك جحود لئيم، وكفران سفيه..!
ومع هذا، فإن الرحمن الرحيم لم يعجّل لهم العذاب، ولم يقبض يده الرحيمة عنهم، بل لقد أمهلهم، ويده الكريمة بالرحمة مبسوطة لهم، ورسوله الكريم قائم فيهم، يتلو عليهم آيات ربّه، ويفتح لهم منها أبوابا واسعة من رحمة الله..