والدار هنا: هى دار الدنيا..
«وعُقْبَى الدَّارِ» أي الخاتمة التي ختمت بها هذه الدار، وهى عمل كل عامل فيها، فمن عمل خيرا كانت عاقبته خيرا، ومن عمل سوءا كانت عاقبته بلاء ونكالا..
ولهذا جاء قوله تعالى: «لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ» بإضافة العاقبة لهم، ولم يجعلها عليهم، بمعنى أن هذه العاقبة مما يملكه الإنسان ويحرص على اقتنائه، إذا كان خيرا.. على حين أن العاقبة إذا كانت شرا، نفر منها الإنسان، وحاول أن يفلت منها، ويوليها ظهره، ولكها تحمل عليه حملا.. وإلى هذا يشير قوله تعالى: «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» .
(286: البقرة) .
قوله تعالى: «جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ» - هو بدل من قوله تعالى: «لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ» .. أي أن عقبى الدار هذه هى «جَنَّاتُ عَدْنٍ» حيث تنتهى بالمؤمنين حياتهم الدنيا عند جنات عدن.. «يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ» أي أن هذه الجنات التي يجدها المؤمنون عند انقطاع حياتهم الدنيا، هى لهم، مفتحة أبوابها، يدخلونها هم، ومن كان صالحا لدخولها من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم، وفى هذا أنس لهم جميعا، حيث يجتمع شملهم، ويكمل نعيمهم.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ (?) مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ» (21: الطور)