والرابى: المرتفع، ومنه الربوة، وهى المكان المرتفع.. وهذا مثل آخر ضربه الله سبحانه وتعالى للباطل والحق، وأنهما أمران مختلفان، اختلاف الأعمى والبصير، والظلمات والنور..
فهذا الماء الذي ينزل من السماء فتسيل به الأودية- كلّ على قدر ما نزل من ماء- فيحمل معه فى جريانه واندفاعه، غثاء ورغوة وزبدا، فيختلط بالماء، ويعكر صفوه، حتى ليبدو لعين الغرّ الجاهل أن ما يراه هو غثاء وزبد، وأن لا شىء وراء هذا.. ولكن الحقيقة غير ذلك، إذ أن بطن الوادي ملىء بالماء، مترع بالخير، وإن هذا الزبد إن هو إلا سحابة صيف لا تلبث أن تنقشع، ولا يبقى إلا ما ينفع الناس من ماء تفيض به الأنهار، وتتفجر منه العيون، وإذا هو حياة يردها الناس فتمسك حياتهم، وحياة كل حىّ! ..
هذه صورة واقعة فى الحياة، يراها الناس جميعا.. باديهم وحاضرهم، جاهلهم وعالمهم..
وهناك صورة أخرى تشبه تلك الصورة، قد لا يشهدها إلا أهل العلم والصناعة، ولكنها على كل حال صورة لا تغيب عن المجتمع الإنسانى أبدا، وهى تلك المعادن التي تسلط عليها النار، فتنصهر، وتتحول إلى مادة سائلة، أشبه بالماء، حيث يستطيع الصانع أن يشكل منها ما يشاء من آنية، وحلىّ! ..
فهذه المعادن حين تنصهر تحت حرارة النار، يعلو سطحها زبد أشبه بالزبد الذي يعلو سطح الماء المندفع بقوة الجريان من السيل المتدفق، وإن هذه الرغوة التي تعلوا وجه المعدن المنصهر هى خبث يلقى به بعيدا عن جوهر المعدن حتى