والعصيان.. فيطيع وهو مريد، ويعصى وهو مريد.. الأمر الذي ليس لكائن غير الإنسان.. وفى هذا يقول تعالى: «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» (11: فصلت) .
أما الإنسان، فهو الكائن المريد، الذي تقوم فى كيانه قوة موجهة، هى التي تذهب به يمينا أو شمالا، وتقيمه على أمر الله، أو تخرج به عنه.. فإذا استجاب لأمر الله، واتبع سبيله كان نغما متجاوبا مع هذا الوجود المنقاد لله طوعا وإذا لم يستجب لله، وخرج عن طريق الحق الذي دعاه إليه، كان نغما شاذا، ثم كان فى الوقت نفسه منقادا لله «كرها» .. لأنه واقع تحت سلطان الله، منقاد لمشيئته.. فما على هذا الإنسان الجهول لو انقاد لله طوعا، كما هو منقاد كرها؟
- وفى قوله تعالى: «وَظِلالُهُمْ» إشارة إلى أن ظلال هذه الكائنات، - ومنها الإنسان- منقادة لله سبحانه وتعالى، ساجدة لجلاله وعظمته.. فحيثما وقعت أشعة الشمس على كائن من الكائنات، وقع ظلّه على الأرض.. فكان ذلك منه سجودا لله، وولاء له.. إنه لا يملك الظل إلا أن يقع على الأرض.
وقوله تعالى: «بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ» .
الغدوّ: جمع غدو، مؤنثه غدوة.. وأصله غدوو.. على وزن فعول فأدغمت الواو فى الواو.. والغدو، والغدوة، أول النهار..
والآصال: جمع أصل، والأصل: جميع أصيل.. مثل نذير ونذر.. والأصيل آخر النهار..
وفى قصر سجود الظلال على الغدو والآصال، عرض واضح لسجود هذه الظلال، حيث تكون ظلال الأشياء فى أول النهار وآخره ظاهرة ممتدة، يبدو