الذي يملأ الآفاق، هو صوت منطلق فى الوجود، بين يدى تلك السحب المحملة بالغيث، ينادى بحمد الله، ويهتف بكل موجود أن يصحو من نومه، ويفيق من غفلته، ليستقبل هذه الرحمة المرسلة بحمد الله، والشكران له، على ما ساق إلى عباده من نعم! وفى جعل «الرَّعْدُ» مسبّحا بحمد الله إشارة إلى أن الرّعد دائما يصحبه المطر، وهذا يعنى أنه يبشر بتلك النعمة، ويزفّ إلى من يسمعون هذا الصوت، أن رحمة الله قريب منهم، إذ كان من شأن الرعد أن يتبعه المطر دائما.. وليس كذلك البرق، الذي قد يصحبه مطر، وقد لا يصحبه، وهو الذي يسمّى البرق الخلّب، أي الذي يخدع، حيث يوعد بأن وراءه مطرا، ثم يخلف هذا الوعد..
وليست الإشارة إلى تسبيح الرعد، إلا إلفاتا للإنسان، ودعوة له إلى أن يسبّح ربه ويحمده، وإلّا، فإنّ كل شىء يسبح بحمد الله دائما، كما يقول سبحانه: «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ» .
وقوله تعالى: «وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ» معطوف على قوله تعالى «الرَّعْدُ» أي يسبح الرعد بحمد الله، وتسبّح الملائكة من خيفته، أي من خوف ربّهم، كما يقول الله سبحانه وتعالى عنهم: «يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ» (50: النحل) ..
- قوله تعالى: «وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ» .. الضمير «هم» يراد به المشركون بالله، الذين لا يرجون رحمة الله، ولا يخشون عذابه.
فلا يحمدون الله على تلك النعم التي أفاضها عليهم، مع أن هذه النعم ذاتها تسبّح الله وتحمده، أن جعلها رسول خير للنّاس، ومصدر حياة لهم..