ذلك أنهم يستعجلون العذاب، وقد وقع هذا العذاب فعلا بكثير من الأمم التي سبقتهم، والتي كانت على مثل هذا الضلال الذي هم فيه.. فلو أنهم كانوا على شىء من العقل والإدراك لكان لهم فى المثلات التي حلّت بالأمم الماضية عبرة زاجرة، وعظة بالغة.. ولكن أنّى للعمى أن يبصروا؟ وأنّى للسفهاء أن يرشدوا؟
- وقوله تعالى: «وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ» عرض لسعة رحمة الله، ومغفرته لعباده.. فهو يمهلهم، ويستأنى بهم، ويدعوهم إليه، ويفتح لهم باب التوبة والقبول، فإذا استجابوا له، ورجعوا إليه، قبلهم، وتجاوز عن سيئاتهم، وعدل بهم عن طريق الضلال إلى الهدى، وعن النار وأهوالها، إلى الجنة ونعيمها.. فهذا من رحمة الله بعباده، ولو شاء لعجّل لهم العذاب، ولأخذهم بما كسبوا: «وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ» (45: فاطر) ..
وإذا كانت تلك هى رحمة الله، وذلك هو لطفه بعباده، فإن مع هذه الرحمة وذلك اللطف بالذين يرجون رحمته، عقاب راصد، عذاب شديد للذين يحاربون الله، ويحادّون رسله، وينأون بأنفسهم عن مواقع رحمته ومغفرته..
وذلك هو حكم الله فى عباده.. «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ» (26- 27 يونس) «وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ» ومن منكرات هؤلاء الكافرين، أنهم يغمضون أعينهم ويصمّون