إنسان يعمل غير ناظر أبدا إلى ما لله من سلطان فيما يعمل.. وبين إنسان لا يعمل شيئا، مستسلما لما يأتى به القدر.. وكلا الطرفين جائر، بعيد عن الطريق السّوىّ المستقيم! قوله تعالى: «وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ، قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ» .
آوى إليه أخاه. ضمّه إليه، وخلا به، وكان له أشبه بالمأوى الذي يأوى إليه الإنسان، فلا يراه أحد..
لا تبتئس: أي لا تحزن، ولا تضق ذرعا بما سيكون منهم لك، من اتهام وقذف.. وهكذا بدأ يوسف تنفيذ الخطة التي اختطها من قبل، والتي بها حمل إخوته على أن يأتوه بأخيهم من أبيهم هذا، فخلا به يوسف وأنبأه أنّه هو أخوه يوسف، وأنه لن يكشف عن نفسه لإخوته الآن، حتى يضعهم أمام التجربة التي أعدّها لهم، وأن على أخيه ألّا يجزع ولا يقع فى نفسه ما يسوؤه منهم، خلال تلك التجربة! «فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ» .
السّقاية: القدح الذي يستخدمه الملك لشرابه، ويستقى به..
والعير: الدوابّ التي تستخدم للحمل والركوب.
وتبدأ التجربة بأن يأمر يوسف غلمانه بأن يدسّوا القدح الذي يستخدمه لشرابه فى رحل أخيه، ثم ينادى مناديه وراء القوم وقد تحركوا للمسير نحو العودة إلى ديارهم..
وفى المناداة عليهم بقوله: «أَيَّتُهَا الْعِيرُ» بتوجيه النداء إلى عيرهم، دون