أن جعل الله وكيلا وشهيدا على ما كان بينه وبينهم..

«وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ» .

وحين تحركت القافلة للسير إلى مصر، بأبناء يعقوب، ومعهم أخوهم المطلوب لعزيز مصر، نصح لهم أبوهم فيما نصح بقوله: يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ» ! والسؤال هنا:

ما حكمة هذا النصح الذي نصح لهم به؟ وماذا يكون لو دخلوا مصر من باب واحد؟ ..

لعل أظهر ما فى هذه النصيحة من حكمة هى ألا يلفتوا الأنظار إليهم، بهذا الموكب الذي ينتظم أحد عشر أخا.. فى سمت واحد، من الجمال والجلال..

فذلك من شأنه أن يدير الرءوس إليهم، وأن تدور الأحاديث عنهم، وتختلف الآراء فيهم، وليس ببعيد أن يكاد لهم من أكثر من جهة: من النساء والرجال، أو من تجار مثلهم، أو من حاشية العزيز نفسه، وقد رأت الحاشية ما كان من العزيز من تلطفه بهم، ومن كيله لهم دون أن يأخذ منهم شيئا.. فما أكثر دوافع الحسد والغيرة فى قلوب الناس، وما أكثر ما فى قلوب الناس من حسد وغيرة حول السلطان وحاشية السلطان! وأيا كان الأمر، فإنه شعور الأب الذي يتخوف على أبنائه نسمات الريح حين تهب عليهم، فكيف وهم على سفر طويل، وفى يد غربة موحشة قاسية؟

ثم كيف وقد كانت فجيعته فى يوسف لا تزال تفرى كبده!؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015