تنظر إلى يوسف نظرة الأم إلى ولدها، وأنها سرعان ما تعود إلى رشدها وتصحح نظرتها إليه..
والذي جعلنا نميل إلى القول بأن الشاهد الذي شهد بإدانة امرأة العزيز، هو العزيز نفسه- الذي جعلنا نميل إلى هذا القول، هو ما يشهد به واقع الحال، وهو أن «العزيز» وهو صاحب هذا المقام فى قومه، ما كان له أن يفضح نفسه وأهله على الملأ، وأن يستدعى من يحتكم إليه، فى أمر شهده هو بنفسه، واطلع عليه من غير أن يدله عليه أحد! وإنه لمن السفاهة والحمق، بل والعجز، أن يعرّض العزيز مكانته، وشرفه وشرف أهله لهذه الفضيحة على الملأ.. فيصبح، وإذا هو وزوجه على ألسنة الناس، يطلقون فيهما قالة السوء، ويولدون من هذا الحدث أحداثا تنمو وتتضخم على الأيام! فكان من الحكمة إذا أن يتدبر «العزيز» أمره بنفسه، وأن يحصر الأمر فى أضيق حدوده، وأن يحسمه هذا الحسم الرشيد، فى غير صخب وضجيج.. فكان حكمه هكذا:
- «يُوسُفُ: أَعْرِضْ عَنْ هذا» ..
- «وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ.. إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ» ..
لفتة إلى يوسف، ولفتة إليها..
ثم انتهى الأمر عند هذا الحد.. ولكن إلى حين..!
فلقد دبّر العزيز فى نفسه أمرا.. ولكن بعد أن تنتهى هذه العاصفة.. فتحيّن ليوسف فرصة يدفع به إلى السجن بها.. ولكن من غير أن يكون لامرأته- فى ظاهر الأمر- شأن يتعلق بها فى أمر يوسف وسجنه.. من قريب أو من بعيد! على ما سنرى فى أحداث القصة.. بعد..