وقد أحسن الإمام البيضاوي، حين قال عن همّ امرأة العزيز بيوسف وهمّه هو بها: «قصدت مخالطته، وقصد مخالطتها.. والهمّ بالشيء: قصده والعزم عليه.. والمراد بهمّه عليه السلام، ميل الطبع، ومنازعة الشهوة، لا القصد الاختياري، وذلك مما لا يدخل تحت التكليف، بل الحقيق بالمدح والأجر الجزيل من الله، من يكفّ نفسه عند قيام هذا الهمّ ومشارفة الهمّ» .

- وفى قوله تعالى: «كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ» أي بمثل هذا البرهان نجىء به إليه، لنصرف عنه «السّوء» أي الأذى، الذي تتعرض له فطرته السليمة «والفحشاء» أي المنكر الممثل فى الزّنا. «إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ» هو تعليل لما أراد الله بهذا النبىّ الكريم من خير، فصرف عنه السوء والفحشاء، لأنه من عباد الله الذي اصطفاهم الله، وجعلهم خالصة له.

«وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ» .

حين رأى يوسف برهان ربّه، وهو الشارة الدلّة على مقدم العزيز إليهما- رأته معه كذلك امرأة العزيز، فأسرعا إلى الباب المغلق دونهما، وأسرع كل منهما طالبا الخروج من المخدع، وقد كان يوسف أسرع منها، فتناولته من خلف بيدها لتسبقه، ولتنجو بنفسها، فعلقت يدها بقميصه فقدّته من دبر، أي قطعته طولا، من الخلف.. وما كاد يفتح الباب حتى كان «العزيز» معهما وجها لوجه.. وكان جوابها حاضرا، إذ كانت تعيش فى هذه المحنة أياما وليالى، وتفكر فيها وتقلّبها على جميع وجوهها واحتمالاتها.. ومن هذه الاحتمالات أن يعلم زوجها بالأمر، أو يضبطها متلبسة به.. فلما وقعت الواقعة، وجدت الجواب الذي أعدته. «قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015