قبل أن يكون نبيّا.. وأنه حين يلبس ثوب النبوة لا يخلع ثوب البشرية أبدا..
وغاية ما هنالك أنها بشرية فى أعلى مستواها وأشرف منازلها..
وعلى هذا، فإن الذي نطمئن إليه، هو أن هذا البرهان كان شيئا حسيا، أو بمعنى آخر، كان حدثا وقع فى تلك اللحظة الحاسمة، فحال دون وقوع هذا الأمر، وكان صارفا عنه.. والذي لولاه لوقع! وهذا البرهان هو- والله أعلم- إشارة كانت تعلن عن قدوم العزيز إلى أهله.. إذ من المعقول جدا أن يكون للعزيز شارة من الشارات، ينبّه بها زوجه إلى أنه قادم إليها.. وذلك كرسول يتقدمه، أو نفير يعلن عنه.. أو نحو هذا..
شأن أصحاب السلطان، حين يغدون، أو يروحون، بين مجلس الحكم، ومجلسه الخاص فى أهله وولده.
وعلى هذا يكون المراد بربه هنا، هو سيده الذي ربّاه، وهو «العزيز» الذي يقول عنه: «إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ» .. ويكون بذلك، الضمير فى «ربه» عائدا إلى ربه هذا.. وقد جاء على لسان يوسف أكثر من مرّة، الحديث عن السيد بلفظ الرب.. «اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ» .. «ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ» ..
وهذا الحدث الذي كان سببا مباشرا فى الحيلولة دون وقوع المعصية، هو بالنسبة ليوسف عليه السلام برهان من ربّه، وآية من آيات فضله عليه، وحراسته له..!
فالأسباب الموصّلة إلى الأعمال الطيبة، أو الحائلة دون السيئة، هى دليل على عناية الله وتوفيقه.. كما أن الأسباب المؤدية إلى الشرّ، أو الصارفة عن الخير، دليل على خذلان الله للعبد، وتخليته وأهواء نفسه ونزغات شيطانه! فللذين التقوا بالأنبياء والرسل، وكانوا من حوارييهم وخلصائهم، إنما