أمثاله، من الانطلاق إلى الخلاء، لاهيا، لاعبا.. فى رعاية من يحفظه، ويدفع عنه كل مكروه.
يقال: رتعت الماشية، أي رعت فى مرعى خصيب، والمرتع: المرعى الخصيب..
وقرىء: «يرتعى» من الرّعى.. أي يرعى معنا، ويلعب.
«قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ» .
لقد سلّم لهم أبوهم بما طلبوه، ولكنه أظهر لهم بعض مخاوفه، إذا هو أجابهم إلى ما طلبوا.. فهو يحزن لبعد يوسف عنه، ولو ليوم أو بعض يوم..
إذ كان سلوته، وأنسه.. ثم هو يخشى أن يصيبه مكروه إذا هم غفلوا عنه، فيعدو عليه ذئب من تلك الذئاب المتربّصة لصيد تناله من إنسان أو حيوان فى هذه الفلاة التي يرعون فيها!.
وقد أخذ أبناء يعقوب من ردّ أبيهم حجّتهم عليه، فيما فعلوا بيوسف:
فأولا: فى قوله: «إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ» .. كشف لهم أبوهم عن حبّه ليوسف وتعلّقه به، فزاد ذلك من موجدتهم عليه، ومن حسدهم ليوسف، وشدّ عزمهم على ما بيّتوه له من شر! وثانيا: فى قوله: «وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ» قد وضع بين أيديهم السلاح الذي يستعملونه فى تنفيذ أمرهم الذي دبّروه، وليكون لهم منه ما يصدّق ظنون أبيهم ومخاوفه فيما ظنّه وتخوّفه.. فكانت قصّة الذئب التي جاءوا أباهم بها، هى من وحي هذه الظنون وتلك المخاوف التي أعلنها أبوهم لهم.