الكلمة هى كلمة الله بأن يؤخرهم إلى أجل مسمّى، وألّا يعجل لهم العذاب فى الدنيا، وهذا ما يسير إليه قوله تعالى: «وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ» (14: الشورى) فلولا هذه الكلمة «لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ» وأخذ الله الظالمين منهم بما أخذ به الظالمين من الأمم السّالفة قبلهم، ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمّى، يلقون عنده جزاء الظالمين.

- وفى قوله تعالى: «وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ» .. الضمير فى:

«إنهم» يعود إلى أهل الكتاب المعاصرين للنبىّ، وهم الذين أوتوا الكتاب من بعد آبائهم الذين اختلفوا فيه، وقد أشار إليهم قوله تعالى: «وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ» فآباؤهم قد اختلفوا فى كتابهم هذا، وتفرقوا شيعا وأحزابا، وأبناؤهم الذين أورثوا هذا الكتاب من بعدهم، فى ريب منه وفى شك فيه، إذ أورثهم هذا الخلاف الذي وقع بين آبائهم فى الكتاب- حيرة، وقلقا، واضطرابا، حيث يجدون لكل أمر جاءهم به الكتاب أكثر من وجه من وجوه الرأى، وأكثر من مذهب من مذاهب الخلاف، فتتفرق بهم السبل، وتزيغ الأبصار، وتضل العقول.. فلا يكون لهم من نظرهم فى الكتاب إلا الارتياب والشك.

«وإن كلّا لمّا ليوفّينهم ربّك أعمالهم إنه بما يعملون خبير» .. أي وإن كلّا من الآباء الذين اختلفوا فى الكتاب، والأبناء الذين ورثوا هذا الكتاب وارتابوا فيه- إن كلّا من هؤلاء وأولئك ليوفينهم ربك أعمالهم، ويجزى كلّا ما هو أهل له.. «إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» .. يزن عمل كل واحد بميزان العليم الخبير، ويجازيه عليه جزاء القادر القاهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015