سبحانه، ولم تقدروه قدره «وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا» أي جعلتموه من وراء ظهوركم، لا تنظرون إليه، ولا تعملون له حسابا «إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ» أي عالم، محيط علمه بكل ما تعملون، ولن تفلتوا من عقابه وعذابه..
«وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ» هذه هى خاتمة المطاف فيما بين شعيب وقومه.. إنه يتركهم وشأنهم، بعد أن بلّغهم رسالة ربه، وبالغ فى إبلاغها إياهم.. «اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ» أي اعملوا على ما أنتم مقيمون فيه من كفر وضلال.. «إِنِّي عامِلٌ» على ما أنا عليه، مما تعلمونه منّى وتنكرونه علىّ.. «سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ» فسينجلى لكم الأمر، ويتكشف لكم الحال عن عملكم وعملى، وسيطلع عليكم من عملكم عذاب يخزيكم، ويؤمئذ تعلمون من هو الكاذب، ومن كان فى ضلال مبين.. أما متى ذلك؟ فعلمه عند ربّى، ولكنه آت لا ريب فيه، فانتظروا يومكم هذا «وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ» ..
وقد جاء النظم القرآنى بلفظ «رقيب» بدل «مرتقب» الذي يقتضيه النظم ليدلّ على أن شعيبا فى المكان الذي يشرف منه على هؤلاء القوم، وهم المنزل الدّون الذي يلقون فيه العذاب المهين! إنه رقيب، يقوم على مرقب عال، كما يقوم القاضي على منصة القضاء.
«وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ» ..
وحين جاء أمر الله، ودنت ساعة القصاص من هؤلاء القوم الضالين، نجّى الله شعيبا والذين آمنوا معه، وحملهم على جناح رحمته، إلى مرفأ الأمن والسّلام..