يصيبكم من الله ما أصاب الظالمين من قبلكم.. قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط الذين لم يبعد الزمن كثيرا بينكم وبين ما حلّ بهم من عذاب الله ونقمته..
وقد جاءت قصص هؤلاء الأقوام فى القرآن الكريم حسب ترتيبها الزمنى.. قوم نوح، ثم قوم هود، ثم قوم صالح، ثم قوم إبراهيم وقوم لوط، ثم قوم شعيب، ثم موسى وقومه.. ولم يكن التزام القرآن لهذا الترتيب متابعة لمنطق التاريخ فى تسجيل الأحداث، وإنما لغاية أبعد من هذا وأعمق.. هى ما ينكشف من تسلسل الأحداث على هذا الترتيب، من تطوّر الإنسانية، وانتقالها من طور الطفولة، إلى أطوار الصبا، والمراهقة، والشباب.. حتى تبلغ تمامها عند التقائها بالرسالة الإسلامية (?) على يد خاتم المرسلين «محمد» عليه صلوات الله وسلامه.
«وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ» .. أي فإن استمعتم نصحى، واستجبتم لى، فأقبلوا على الله مستغفرين تائبين.. «إِنَّ رَبِّي» الذي أدعوكم إليه «رحيم» بعباده، «ودود» لهم- بما يضفى عليهم من رحمته، وفضله، ورضوانه! وفى العدول عن لفظ «ربكم» الذي يقتضيه النظم- إلى قوله: «ربى» تحريض لهم على مشاركته فى الانتساب إلى هذا الرب الرحيم الودود، ربّ شعيب الذي أضاف نفسه إليه، ونال مانال من رحمته وودّه.. أما إضافتهم إلى الله سبحانه وتعالى فى قوله تعالى: «وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ» فهى إضافة قهر وإلزام، رضوا بذلك أم لم يرضوا، آمنوا به أو لم يؤمنوا.. والمطلوب منهم