أفلا يحمى الله- سبحانه وتعالى- ضيوفه؟ أفلا يأخذ على يد من يعتدى على من كان فى ضيافته، ومن احتمى فى حماه؟ إن ذلك ما لا بد أن يكون.. فلله سبحانه وتعالى غيرة على حرماته أن تنتهك.. فهل إذا انتهك نوح حرمة الله، وطرد المتحرمين بهذه الحرمة، ثم أخذه الله ببأسه.. أفي القوم من ينصر نوحا ويدفع عنه بأس الله إن جاءه؟ .. ذلك محال..
وإذن فلن يطرد نوح من آمن بالله، ولن يخلى مكانهم لهؤلاء السادة الذين يأبون أن يكونوا هم وهؤلاء «الأرذلون» على مائدة واحدة، ولو كانت مائدة الله، الممدودة لعباد الله!! قوله تعالى: «وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً.. اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ.. إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ» .
إنه ليس بين يدى نوح ما يقدّمه لهؤلاء القوم، الذين يقدّرون خطواتهم التي يخطونها نحو أمر من الأمور، بقدر ما يمكّن لهم هذا الأمر من سلطان، وما يكثّر فى أيديهم من أموال..
إنه ليس معه شىء يغريهم به، ويشدّهم إليه نحو هذه الدعوة التي يدعوهم إليها..
إنّه ليس عنده خزائن الله، حتى يملأ أيديهم منها.. فذلك إلى الله وحده..
وإنه لا يعلم الغيب، حتى يكشف لهم عن مسالك الطرق التي يأخذونها إلى غايات النجاح والفلاح، وإنه ليس ملكا من السماء، يملك من القوى ما لا يملكون.. إنه بشر مثلهم!!