مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ.. وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ»
(42- 43: إبراهيم) - وفى قوله تعالى: «يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ» إشارة إلى عذاب الآخرة الذي سيلقونه، وأنه أضعاف مضاعفة لعذاب الدنيا الذي حلّ بالظالمين قبلهم، وأنهم إذا كانوا قد أفلتوا فى الدنيا من عذاب الله، فإنه سيضاف إلى عذابهم فى الآخرة، ويضاعف لهم العذاب.
- وفى قوله تعالى: «ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ» تعليل لما هم فيه فى هذا اليوم من بلاء عظيم، إذ أنهم فى دنياهم قد عطلّوا حواسّهم، فلم ينتفعوا بها فى الاستماع إلى آيات الله، أو فى النظر إلى ملكوت السموات والأرض، وما يتجلّى فيه من آيات الخلاق المبدع العظيم! - وفى قوله تعالى: «أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ»
تعقيب على تلك المحاكمة التي أدين فيها هؤلاء الظالمون..
إنهم قد خسروا أنفسهم، وأوردوها هذا المورد الوبيل. أمّا ما كان بين أيديهم من مفتريات وأباطيل، فقد صفرت أيديهم منه، ولم يبق لهم إلا ما أعقب من الحسرة والندامة! قوله تعالى: «لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ» لا جرم: أي لا شكّ ولا ريب..
والمعنى أنه لا جدال، ولا شكّ فى نظر أي عاقل ينظر فى أحوال هؤلاء الظالمين، وما جنوا على أنفسهم- أنهم هم أخسر الناس صفقة، إذ اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة «فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ» ..
فكما أنهم كانوا بفعلهم المنكر أظلم الظالمين، كذلك هم يوم توفّى كلّ نفس ما كسبت، وينال كل عامل جزاء ما عمل- هم أخسر الخاسرين فى