يقولون ذلك على القطع والتوكيد، حتى لكانّ لهم عليه برهانا مبينا، أو حجة بالغة.
قوله تعالى: «وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ؟ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» .
الأمة: الجماعة من الناس، على مشرب واحد.. فهم قطعة من المجتمع الإنسانى.
والأمة: القطعة من الزمن، كما فى قوله تعالى: «وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ» (45: يوسف) .
والأمة: الحال المقتطعة من أحوال الناس، كما فى قوله سبحانه: «إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ» (22: الزخرف) أي على حال.
يحبسه: يؤخره.. وحاق بهم: أي أحاط بهم، واشتمل عليهم.
وهذا أيضا مما تكشّف عنه الابتلاء الذي ابتلى به الناس، إذ خلقهم الله وأقامهم على هذه الأرض.. فقد كان فى الناس من كذبوا بآيات الله ورسل الله، واليوم الآخر.. وكان منهم من بالغ فى هذا التكذيب، وبلغ الغاية فى السفاهة والحمق.. فهم إذا أنذروا بالعذاب يوم القيامة قالوا: متى هو؟ وإذا أنذروا بالعذاب والهلاك فى الدنيا قالوا: ما يحبسه؟ يقولون ذلك فى تحدّ وعناد، وإصرار على الكفر والتكذيب، بهذا الوعيد الذي توعدهم الله به..
ولو عقلوا ما استعجلوا هذا البلاء، ولأخذوا أنفسهم بما ينجيهم منه.
وقد رد الله سبحانه وتعالى عليهم بقوله: «أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ» أي أنه لو وقع بهم هذا العذاب فلن يدفع عنهم، ولن يكون لهم فيه إلا البلاء والهلاك.. فما بالهم- قاتلهم الله- يستعجلون ما فيه دمارهم وهلاكهم؟