يثنون صدورهم: أي يطبقونها، ويطوونها على ما بداخلها من شر، وزور، وبهتان..
يستغشون ثيابهم: أي يلبسونها، ويتخذونها غشاء لهم..
«ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه» .. هذا تقرير لواقع المشركين وأصحاب الضلالات، مع أنفسهم، إذ لما فى صدورهم من منكرات الأمور، وعوارها، يحاولون جاهدين أن يخفوا هذا المنكر الذي ضمّت عليه صدورهم، ويداروا هذا العوار الذي إن ظهر للناس فاحت منه ريح خبيثة، تفضحهم وتخزيهم بين الناس.. فهم أبدا على حذر وحرص، من أن يطلع أحد على هذا الفعل الفاضح الذي اتخذوا له من صدورهم مسرحا يتحرك عليه، ويعيش فيه..
فالأسلوب هنا خبرى، يقرر حقيقة واقعة، وهى أن هؤلاء أصحاب منكرات، يطوون عليها صدورهم حتى لا يطلع عليها أحد، وقد بلغ بهم سوء ظنهم بالله، وجهلهم بما له من صفات الكمال، أنهم يظنون بهذا الفعل أنهم يحولون بين الله تعالى، وبين أن يعلم ما هم عليه من منكر..
- وفى قوله تعالى: «أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ» هو ردّ على سوء فهمهم لكمالات الله، وجهلهم بنفوذ علمه وسلطانه إلى كل ذرّة فى هذا الوجود.. وأنهم مقهورون تحت سلطان هذا العلم، لن يستطيعوا أن يخفوا منه شيئا، ولو مزجوه بلحمهم وخلطوه بدمهم.. فهم حين يستغشون ثيابهم ليستروا بها عوراتهم، لا يسترونها عن الله، كما لا يسترون عنه، ما أطبقوا عليه صدورهم من عورات ومنكرات: «إنه عليم بذات الصدور» أي بما فى داخلها، وما أطبقت عليه، فكيف بالصدور نفسها؟
وذات الصدور، حقيقتها.. وعلم الله سبحانه وتعالى بها، هو علم كامل، إذ هو سبحانه الذي خلقها، وأودع ما فيها من قوى، فكيف يدخل عليها شىء ثم يخفى عن الخالق سبحانه؟ «أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» ؟.