الرجس: القذر، والنّجس..
ووضع الرجس فى مقابل الإيمان، إشارة إلى أن الإيمان طهر، وتزكية، وتطييب للمؤمن.. على خلاف الكفر، فإنه قذر، ونجس، ورجس، يلبس صاحبه، ويشتمل عليه، كما يلبس الجلد الجسد ويحتويه! وفى وضع الذين «لا يعقلون» ، بدل الذين «لا يؤمنون» كما يقضى بذلك السياق- إشارة أخرى إلى أن الكفر هو وليد الجهل والحمق، وعدم استعمال العقل وتوجيهه إلى تعقّل الآيات المبثوثة فى هذا الكون، الذي تتجلّى فى آفاقه آيات الخالق، المبدع، وقدرة الحكيم العليم، الخالق، المصوّر.
ولهذا جاء قوله تعالى بعد ذلك:
«قُلِ انْظُرُوا ماذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ» جاء داعيا إلى توجيه العقل إلى النظر فى ملكوت السموات والأرض، وقراءة ما سطرته يد القدرة على هذا الوجود من آيات ناطقة، تحدّث عن الخالق العظيم، وتسبّح بحمده، فى ولاء، وانقياد وخشوع! - وفى قوله تعالى: «وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ» - توكيد لما قررته الآيات السابقة، من أنه لا تؤمن نفس إلا بإذن الله.. وأن النظر فى ملكوت السموات والأرض، وإن كان مطلوبا من كل عاقل أن ينظر فى هذا الملكوت، وأن يطيل النظر فيه دارسا متفحصا، باحثا عن دلائل وجود الله، وما له فى هذا الملكوت من إبداع، وما له عليه من سلطان- هذا النظر لن يصل بصاحبه إلى الإيمان، ولن يفتح قلبه له، إلا إذا كان هذا الناظر ممن أراد الله لهم أن يكونوا مؤمنين.. أما الذين قدّر الله عليهم ألا يؤمنوا، فلن يؤمنوا، أبدا، ولو نطقت أمامهم الآيات، وأسمعتهم ما أودع الخالق فيها من بديع صنعه، ورائع حكمته وقدرته.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ