الإيمان، كما كان الشأن فى قوم يونس.. وقد كان! فآمنت قريش، وانتفعت بإيمانها وانتفع الإسلام بهذا الإيمان.
قوله تعالى: «وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» .
وإذا كان قوم يونس قد آمنوا، وإذا كانت قريش ستدخل فى الإيمان.. فإن ذلك كله رهن بمشيئة الله.. فما آمن مؤمن إلا كان إيمانه عن مشيئة الله، وقدره المقدور له..
وإذن فهؤلاء الذين سبقوا إلى الإيمان من أهل مكة، هم ممن شاء الله لهم الإيمان، وأراد لهم الخير.. وهؤلاء الذين لا يزالون على كفرهم وضلالهم، هم ممن لم تدركهم رحمة الله بعد، وهذا منادى الحق يناديهم إلى الله، ويدعوهم إلى ظلال رحمته.. فليستجيبوا لله، وليسعوا إلى هذا الخير، وليأخذوا بحظهم منه، فقد يكونون ممن شاء الله لهم الإيمان، فتلقاهم مشيئته، وهم على الطريق إليه..
إنه مطلوب من كل إنسان أن يسعى، وأن يطلب الرزق من مظانّه..
والإيمان بالله هو أعظم الرزق وأطيبه- فإذا كان ممن أراد الله لهم الخير، أخذ حظه منه، وإلا فقد سعى سعيه، ولكن إرادة الله هى الغالبة، ومشئته هى النافذة.. «وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً» ولأصبح الناس كلهم على طريق مستقيم.. ولكن لله حكمة، فى أن فرق بين الناس، فكان منهم الصالح، والطالح، والمستقيم، والمنحرف، والمؤمن، والكافر، «وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ.. وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ» (119: هود) .
- وفى قوله تعالى: «أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» - عزاء للنبى الكريم. ومواساة له عن مصابه فى قومه الذين أبوا أن يستجيبوا له، وأن يتقبلوا الخير الذي جاءهم به..