الحق منها، وأنه يمكن فرضا- وإن كان مستحيلا واقعا- أن يشكّ النبي فى هذا القرآن، وأن يلقى نظرة فاحصة عليه، ليتثبّت من الحقائق التي يدعى إلى الإيمان بها.. وهذا حق مشروع له، كإنسان، قبل ألا يكون نبيا..
وفى هذا- كما قلنا- ردّ مفحم على المشركين والكافرين الذين يدّعون أن هذا القرآن من عند محمد، ومن مقولاته.. إذ مستحيل فرضا وواقعا أن يشكّ إنسان فى قول صدر منه، أو يمترى ويكذّب بقول، يعرضه على الناس، ويدعوهم إلى التصديق به!! - وفى قوله تعالى: «فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ» .. هو دعوة لأهل الكتاب أن ينظروا فى هذا الكتاب العجيب، الذي يشكّ فيه صاحبه، وواضعه، كما يزعمون! ..
إن ذلك إغراء لهم بدراسة هذا الكتاب وتفحّصه، إذا كان كتابا شأن صاحبه معه، هو هذا الشأن.
ولا تطلب الدعوة الإسلامية إليهم وإلى غيرهم من المنكرين المكذبين أكثر من أن ينظروا فى هذا الكتاب نظر تفحص، وإمعان..
وإنهم لو فعلوا، لعرفوا أنه الحق من ربهم.. وأنه إذا كان هذا الكتاب منزّلا على محمد، هو منزل إليهم أيضا.. كما يقول الله تبارك وتعالى: «قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ..» (136: البقرة) ومن جهة ثالثة، فإننا إذ نقرأ قوله تعالى، للنبى الكريم: «فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ» - نلمح فى وجه الآية الكريمة دعوة إلى البحث والنظر، وتقليب حقائق الأمور، وعرضها