فلا يدخل فيها ما يدخل فى بيوت السكنى من لهو وعبث.. ذلك أن للمكان أثره فى إثارة المشاعر الطيبة والخبيثة.. فإن كان المكان طيبا أشاع فى النفس السكينة والرضا، وملأ القلب جلالا وخشوعا، وعلى عكس هذا ما يكون من المكان الخبيث.

روى أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه، نام وهو فى غزوة تبوك حتى طلعت عليه الشمس، ولم يدرك صلاة الصبح حتى طلعت الشمس.. فلما استيقظ قال لبلال: «ألم أقل يا بلال.. اكلأ لنا الفجر؟ فقال يا رسول الله ذهب بي من النوم مثل الذي ذهب بك!! فانتقل النبي من ذلك المكان غير بعيد.. ثم صلّى» فقد كره صلى الله عليه وسلم أن يصلى فى مكان أجلب عليه النوم، وفوّت عليه الصلاة فى وقتها، فاعتزله كما يعتزل الإنسان إخوان السوء..

- وفى قوله تعالى: «وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً» إشارة إلى أن يكون متوجه الصلاة فى هذه البيوت إلى القبلة، وهى الكعبة كما يقول بذلك كثير من المفسرين..

ولكنا نخالف هذا الرأى، ولنا على مخالفتنا إياه أكثر من دليل:

فأولا: القبلة فى اللغة ليس معناها الكعبة.. وإنما هى بمعنى الوجهة، أو الاتجاه، الذي يتجه إليه الإنسان.. وهى مشتقة من الاستقبال، لأن الإنسان فى توجهه إلى الله يستقبل الرحمة والمغفرة والرضوان..

وثانيا: فى قوله تعالى للرسول الكريم: «قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها» فتنكير القبلة هنا دليل على أنها واحدة من كثير غيرها.. ولهذا أيضا وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: «تَرْضاها» وقد كان متّجه النبي صلى الله عليه وسلم قبل، ذلك، وقبلته، هو بيت المقدس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015