والذي نراه- والله أعلم- أن هؤلاء الذرية هم من أبناء المصريين، ويرجّح هذا عندنا أمور، منها:
أولا: أن بنى إسرائيل كانوا قبل موسى مؤمنين بالله، على دين آبائهم إبراهيم، وإسحق، ويعقوب، ويوسف.. فهم ذرية أبناء يعقوب «الأسباط» الاثني عشر، وكانت رسالة موسى هى أن يخلصهم من يد فرعون، ومما كانوا يلقون من هوان وذلّ. كما يقول الله تعالى لموسى وهرون: «فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ» (47: طه) .
ثانيا: أن بنى إسرائيل كانوا مع موسى جميعا، فاستجابوا له، وخرجوا من مصر معه.. فلم يكن بينه وبينهم خلاف، حتى خرج بهم من مصر.
- وقوله تعالى: «فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ» يعنى أن الذين آمنوا له كانوا بعضا من القوم، بل ومن ذرية القوم.. وهذا يعنى أن قلة قليلة تلك التي آمنت لموسى، من هؤلاء القوم.. وهذا لا يمكن أن يحمل على قوم موسى الذين كانوا جميعا معه..
ثالثا: يذكر القرآن الكريم أن أناسا من المصريين قد استجابوا لموسى، وآمنوا بالله، ومنهم السحرة، الذين يقول القرآن عنهم: «قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ» (121- 126: الأعراف) .
رابعا: يذكر القرآن أنه قام من بين المصريين ممن آمن بالله على يد موسى- قام من يبشّر بالدعوة إلى الله، ويدعو إلى الإيمان به.. وقد سمّيت فى القرآن