الرسل لهم بالإيمان مجال للعمل فى هذه القلوب المغلقة، التي جمدت على ما انطبع فيها من ضلال وكفر..

وفى هذا تسفيه لأولئك الذين تجمّدوا على أوضاعهم التي هم فيها، ولا يتحولون عنها، ولو كانت ممسكة بهم على مراتع الجهل والضلال، وفى منازل الذلة والهوان.. وليس ذلك شأن الإنسان الذي يحمل فى كيانه عينا تنظر، وأذنا تسمع، وعقلا يدرك، وقلبا يشعر.. إن شأنه دائما يجب أن يكون مستقبلا للحياة لا مدبرا عنها، متعاملا معها، لا مستسلما لها.. فإذا جاءت دعوة جديدة- أيا كانت- لم يكن من الإنصاف لإنسانيته أن يغمض عينيه عنها، ويصم أذنيه دونها، ويحول بين عقله وقلبه أن يتصلا بها، ويتعرفا عليها..

بل إن عليه أن يستمع إلى تلك الدعوة وأن ينظر فى وجهها، فإن كانت دعوة خير استجاب لها، وانتفع بها، وجنى الثمر الطيب منها، وإلّا توقّاها، وأخذ حذره منها.. وبهذا يكون الإنسان دائما فى ميدان الحياة، مشاركا فى معاركها، آخذا بحظه من مغانمها.. أما إن أغلق كيانه على ما هو فيه، فلم يقبل خيرا، أو يدفع شرا، ظل على حال من الطفولة، لا يتحول عنه، وظلت الإنسانية- إن أخذت مأخذه- واقفة حيث هى، لا تتحرك خطوة إلى الإمام.

الآيات: (75- 82) [سورة يونس (10) : الآيات 75 الى 82]

ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (75) فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (76) قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77) قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ (78) وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (79)

فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (80) فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015