الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة.. بل إن الموت فى واقعه هو حياة للإنسان، هو صحوة من نوم، وانتباه من غفلة، وانتقال من دار إلى دار، ومن عالم إلى عالم.!
وقد أنكر كثير من الناس هذا الموت المسلّط على الإنسان، وعدّه عقوبة صارمة تنزل بالناس، فتسوّى بين الأخيار والأشرار.
فيقول أحد شعراء هذا المذهب:
إن يك الموت قصاصا ... أي ذنب للطّهاره
وإذا كان ثوابا.... ... أىّ فضل للدّعاره
وإذا كان وما فيه ... جزاء أو خساره
فلم الأسماء: إثم وصلاح؟
لست أدرى! ونقول: ليس الموت فى ذاته قصاصا أو ثوابا.. وإنما هو موقف تتحول به أحوال الناس، على حسب ما لهم عند الله من ثواب أو عقاب، بما كان لهم فى الحياة الأولى من أعمال، تلائم العالم الجديد الذي نقلوا إليه، أو لا تلائمه..
فإن كانت مما يتلاءم مع العالم العلوي الذي نقلوا إليه نعموا بها، وسعدوا، وإن كانت مما لا تتفق وطبيعة هذا العالم شقوا بها، وابتلوا بالحياة معها.. فلكل عالم جوّه الذي تطيب فيه مغارسه، وتروج فيه عملته.. وهذا العالم العلوى لا تقبل فيه إلا الأعمال الطيبة الصالحة، ولا ينعم فيه إلا الطيبون الصالحون..