- وفى قوله تعالى: «إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ» - إشارة إلى أن إبراهيم مع ما فى قلبه من حنان ورقة وما تفيض به نفسه من مشاعر حسّاسة مرهفة، تتأثر تأثّرا قويا بما يلقاها من وقائع الحياة- فإنه مع هذا- قهر فى نفسه كل عاطفة نحو أبيه، وتبرأ منه، إيثارا لولائه لله، ولدين الله..
فإبراهيم هنا هو القدوة والأسوة فى أعلى مستوياتها، للولاء لله، والإخلاص لدين الله.. فلا حساب عنده لعاطفة قرابة تدخل شيئا من الضيم على ولائه لربّه، وإخلاصه لدينه..
قوله تعالى: «وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» .
فى هذا ما يكشف عن لطف الله ورحمته بعباده، وأنه- سبحانه- لا يأخذهم بالعقاب، ولا ينزلهم منازل الضّالين، إلا بعد أن يبيّن لهم الطريق الذي يسيرون عليه، وما يأخذون أو يدعون من الأمور..
أما ما يقع من العباد مما لم يكن قد جاءهم أمر الله فيه، فهو معفوّ عنه عند الله، ولو كان مما نهى الله عنه بعد أن وقع منهم..
والآية تدفع عن صدور المسلمين ما وقع فيها من حسرة وندم على ما وقع منهم من استغفار لمن مات من أهليهم وأصدقائهم على الشرك، قبل أن يجىء النهى عن الاستغفار لهم.. فلا شىء عليهم فى هذا، لأنهم لم يفعلوا أمرا كان واقعا تحت الحظر، ولم يأتوا منكرا نهاهم الله عنه..
- وفى قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» إشارة إلى أن العلم هو الأساس الذي ينبغى أن تقوم عليه تصرفات العباد، وأن تنضبط عليه أعمالهم، وأن كل عمل لا يستند إلى علم ومعرفة هو لغو لا حساب له، ولا اعتداد به..