«أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ» يعنى ألم يعلموا أن الله يضع الذنوب والآثام عن عباده. ويرفعها عن كواهلهم؟. وقوله تعالى: «وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ» إشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يأخذ صدقات المتصدقين ويجزيهم عليها، وأن النبىّ إذ يأخذها منهم، فإنما يأخذها بأمر الله، وينفقها فى سبيل الله، وكذلك كل صدقة يأخذها متصدّق عليه من متصدّق.. إنها لله، لا للمتصدّق عليه، وهو سبحانه الذي يجزى عليها كما يقول الله سبحانه وتعالى: «قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ» (88: يوسف) . وفى هذا يقول النبىّ صلوات الله وسلامه عليه: «إن الصدقة تقع فى يد الله قبل أن تصل إلى يد السائل» .
قوله تعالى: «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» .
هو دعوة عامة للمبادرة إلى العمل فى مجال الخير والإحسان.. وفى العمل فى هذا المجال يعرف العاملون بأعمالهم.. فما كان فى السرّ أو الجهر يعلمه الله، وما كان فى الجهر يعلمه الرسول ويعلمه المؤمنون، وعلى حسب هذه الأعمال يجزى الله، ويضع المحسنين، والمقصرين، والمسيئين، كل منهم فى منزلة، ويجزيه الجزاء الذي هو أهل له.. وعلى ما يظهر من هذه الأعمال الرسول وللمؤمنين، يكون قرب العاملين أو بعدهم من رسول الله ومن المؤمنين، ويكون حسابهم معهم، من موالاة أو معاداة..
هذا فى الدنيا، فإذا كانت الآخرة كشف الغطاء عن أعمال العاملين، خيرها وشرها، وجوزوا عليها بالإحسان إحسانا، وبالسوء سوءا.