والرسول- صلوات الله وسلامه عليه- إنما يدعو للمتصدقين، ويصلّى عليهم، لا لأنه يحتجز صدقاتهم لنفسه، ويضمها لذات يده، وإنما لأنها خير مبذول فى وجوه الخير، وبرّ مرسل فى سبيل الله..
وهو- صلوات الله وسلامه عليه- قائم على رسالة الخير والبرّ.
هذا، وقد قيل فى سبب نزول هذه الآية: إن الثلاثة الذين خلّفوا، حين اعترفوا بذنوبهم، ونزل فى قبول توبتهم قوله تعالى: «وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا» ، جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأموالهم، فقالوا: هذه أموالنا التي خلّفتنا عنك، فخذها وتصدّق بها عنا، فقال النبىّ: «ما أمرت» فنزلت الآية: «خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً» .
وهذا سبب غير واضح، وغير مناسب لهذا الموقف، فإذا كان الله سبحانه وتعالى قد كرّم هؤلاء الثلاثة الذين خلّفوا، وقبل توبتهم، وأنزل فى ذلك قرآنا، فكيف لا يقبل الرسول صلوات الله وسلامه عليه ما يقدّمون من صدقات؟ أليسوا مؤمنين؟ أليسوا ممن تجب عليهم الزكاة؟ أليسوا ممن يطلب إليهم الإحسان ويقبل منهم.؟
والذي نستريح إليه، هو أن الآية أمر مطلق ببذل الصدقات، وأن مناسبة ذلك هو ما عرض من آثام المنافقين وجرائمهم، فناسب ذلك أن يجىء الأمر بالدعوة إلى الزكاة، التي من شأنها تطهير الآثمين.. وفى توجيه الأمر للنبى صلوات الله وسلامه عليه بقبولها، تحريض للمسلمين على أدائها، وإشارة دالّة على اليد الكريمة التي تتناولها منهم، والجزاء الحسن الذي تجزيهم به..
وليس هذا فحسب، بل إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتقبل منهم صدقاتهم، كما تشير إلى ذلك الآية التالية..