ووعيد لمن أمسكوا قلوبهم على نفاق، وعقدوا نياتهم عليه.. فالله- سبحانه- مخرج ما أمسكته قلوبهم، وما انطوت عليه نياتهم! وليس من الممكن أن يتصور أحد ما الذي كان يعيش فيه المنافقون يومئذ، من كرب وفزع، وهم يرون كل يوم صرعاهم، وقد رمتهم كلمات الله بسهام نافذة لم تخطىء صميم الداء منهم! ولقد كان ما صنعه الله بالمنافقين فى عهد الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- وفى فضح من فضح منهم- حماية للمجتمع الإسلامى الأول من هذا الداء الخبيث، ووقاية للمؤمنين من أن يطوف بهم طائف منه.. حتى لقد كان صحابة رسول الله- وهم من هم- يضعون أنفسهم تحت مراقبة دقيقة منهم، لكل خاطرة تخطر لهم، ولكل وسواس يطوف بهم..
ومن هنا ندرك السرّ فى هذا الصفاء الروحىّ، الذي كان عليه صحابة رسول الله، وتلك العظمة الإنسانية التي اشتملت عليها نفوسهم، والذي كان من آثاره ما شهدته الحياة- وربما لأول مرة ولآخر مرة أيضا- من مجتمع مثالىّ، يحكمه وازع الضمير، ويقوم فيه مقام السلطان القاهر، الذي يتسلط على كل نفس، ويأخذ على كل جارحة؟
وفى قصتى «ما عز» والمرأة الغامدية شاهد مبين، يحدّث بأن المجتمع الإسلامى فى عهد الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- كان تحت مراقبة سماوية تتكشف للناس منها سرائرهم، كما تتكشف لهم صور المرئيات على المرايا العاكسة، فإن عمى الإنسان عن أن يرى نفسه فيها، رآه الناس من حوله، من قريب وبعيد! وتتلخص قصة ما عز بن مالك، فى أنه قد غالب شهوته فغلبته، فأتى