فى المجتمع الإسلامى، حتى لتجعل فرضا على كل مسلم نزل به ابن سبيل، أن يجعله ضيفا عليه، وأن يقدّم إليه من البشاشة والرعاية والإكرام ما يقدّم للضيف العزيز، دون منّ أو أذى، ودون ضيق أو تكره.. وفى تسمية ابن السبيل ضيفا، رعاية لهذا الواجب الذي ينبغى للمضيف أن يؤديه له، وصيانة لابن السبيل من أن ينظر إليه، أو ينظر هو إلى نفسه نظرة المتطفل.. وكلا إنه صاحب حق، وهو إذ ينزل بأحد المسلمين، فإنما ليستقضى حقّه عنده! فأين فى دنيا الناس، هذا المجتمع الذي ينزل فيه الفقير والمسكين منزلة الضيف العزيز المكرم؟ إن ذلك لن يكون إلا فى المجتمع الإسلامى، الذي يحفظ شريعة الإسلام، ويقيم سلوكه عليها!! «فريضة من الله» .
أي هذا التشريع الذي شرعه الله فى أموال الأغنياء، ثم ردّ هذه الأموال على تلك الجهات، التي بينها الله سبحانه وتعالى فى الآية الكريمة- هذا التشريع، هو فرض محكم فرضه الله على المسلمين، وأوجب عليهم أداءه، على هذا الوجه الذي شرعه.
«وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» .
أي أن هذا التشريع الذي شرعه الله سبحانه وتعالى، هو مما قضى به علمه وحكمته.. علمه الذي يحيط بكل شىء، وينفذ إلى كل شىء، ويستولى على كل شىء.. وحكمته المقدّرة لكل أمر، المحكمة لكل تدبير..
فليس بعد قضاء الله قضاء، ولا بعد تدبيره تدبير، ولا وراء حكمه حكم..
من أخذ به اهتدى وأمن، وسعد، ومن عدل عنه، ضلّ وخاب وشقى!