فهذا التدبير الحكيم من شأنه «أولا» أن يشفى هؤلاء المرضى- مرضى القلوب- من دائهم الذي عزلهم عن الإسلام، وحجزهم عن الانتفاع به، والاهتداء بهديه..
وهو «ثانيا» إذ يجلب للمسلمين قوّة جديدة بإضافة هؤلاء المؤلفة قلوبهم إليه، يدفع عن الإسلام والمسلمين شرّا كان يتربص به، وعداوة كانت تتحين الفرص للنيل منهم.
وإذن، فتأليف القلوب على الإسلام، وسلّ السخائم والأضغان عليه منها، أمر ينبغى أن يكون من سياسة الإسلام دائما، ومن عمل المسلمين، فى كل حال ممكنة لهم، سواء أكان ذلك بالمال أم بغيره مما يتألف الناس، ويسلك بهم مسالك الخير، ويقيمهم على طريق الهدى.. وإن دعوة الإسلام فى صميمها لتقوم على هذا الأساس المتين.. وقوله تعالى لنبيه الكريم: «ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» هو المفتاح الذي وضعته السماء فى يد النبىّ ليفتح به مغالق القلوب، وليتألفها به، ويستولى على مواطن الاطمئنان منها.
وبهذا المفتاح نفسه يستطيع دعاة المسلمين أن ينفذوا بدعوة الإسلام إلى الصميم من القلوب، وإنه لا بأس من أن يرفدوا ذلك بما يرون من بر وإحسان لمن يدخلون فى الإسلام، ليطعموا من ثمر الأخوة الإسلامية، وليفيئوا منها إلى ظل ظليل.
«وَفِي الرِّقابِ» .
وهم الأرقاء الّذين كاتبهم مالكو رقابهم على قدر من المال، فى مقابل تخليصهم من الرّق.
فهؤلاء الأرقاء أعضاء ضعيفة، فى جسم المجتمع.. وإنه لكى لا يشيع